تصميم تهيئة سطات: هل تمخضت الجبال لتلد فأرا؟

هيئة التحرير
2023-04-25T14:26:25+01:00
هنا سطات
هيئة التحرير25 أبريل 2023آخر تحديث : الثلاثاء 25 أبريل 2023 - 2:26 مساءً
تصميم تهيئة سطات: هل تمخضت الجبال لتلد فأرا؟

كان من المنتظر ان يسدل الستار عن مشروع تصميم تهيئة مدينة سطات قبيل أشهر، غير أنه تم التأخير لأسباب لا يعلمها إلا الراسخون في العلم من أولي العزم. أكيد أن هذا التأخير أدخل المدينة في قراءات وحسابات قانونية بتبعات مالية وتنموية ضخمة ( أقلها حرمان سطات من استثمار بأزيد من 70 مليون درهم وخلق ازيد من 400 منصب شغل مباشر دون ذكر الغير مباشر، ليستقر بجهة فاس!!!).

خلال المجلس الاداري الاخير للوكالة الحضرية لسطات تمت إثارة ملف تصميم التهئة ليهمس في الاذان انه في مراحله النهائية. ليتم طرح سؤال جديد هذه الوثيقة ومدى روح الاجتهاد فيها لتساهم من زاويتها المهمة والمفصلية في توفير وسائل وآليات التنمية المنشودة.

صحيح أننا في سطات نفتخر بغاباتها المجاورة الشاسعة وتضاريس جغرافيتها التي تأسر قلب كل من يلج عاصمة الشاوية من أوابها الكبيرة، خصوصا الباب الشمالي (للقادمين من البيضاء). فالله سبحانه وتعالى أبدع في تضاريس هذا المدخل الشمالي وغيره، وزينه بغابات ممتدة وأودية متشعبة تأخذ فؤاد كل زائر وعابر عند مروره بالطريق أو القطار… ليتم توكيل التعمير والتهيئة المجالية، خصوصا من التنطيق السياحي الى كل جنبات وأطراف المدينة، لعبقرية الانسان وهندسته المجالية حتى تبقى شاهدا إما عن اختلالات او انجازات عبقرية يتحدث عنها الزمن.

نعم فعند زيارتنا لمدن في مغربنا الحبيب، منها من بجذبنا فيها بديع عبقرية المهندس والمجالي والانسان الذي قام بالتصميم والابداع في هندسة مجالها لجعله نقطة جذب يسقط في شباكها كل عابر وزائر ليتحول لمستثمر وساكن… انها ببساطة تناغم ابداع الانسان “لنقصانه” مع ماهية الخالق سبحانه بانسيابية هائلة.

سطات التي لا تزال تراوح مكانها عمرانيا منذ سنوات عديدة، حيث قدمت تنميتها وتقدمها على طبق من ذهب لمحظوظين من المنعشين ومقاولين!!! فجولة صغيرة بسطات قلب الشاوية والمدينة “الجامعية” المعتزة بجذورها القروية، والواهمة بالاستثمارات الصناعية حتى تحولت لذريعة صناعة غذائية قد تصنع السمك بما له من انعكاسات …. نعم، وضع أضحت معه سطات تائهة بين زوايا متعددة لينطبق عليها مثل “مشية الحمامة”، والتائه الحقيقي هنا هو المسؤول بمختلف زواياه. من المنتخب السياسي للاداري من وزارة وصية ووكالة حضرية، لقائد الاركسترا ممثلا في سلطات العامل… هؤلاء المسؤولين عند زيارتهم لمدن البيضاء ومراكش مثلا في نهاية الاسبوع يستوردون معهم ضغوطات هذه المدن الكبيرة ويسقطونها على سهل سطات. سطات التي أضحت دون معالم عمرانية حقيقية، بعد طمس مجموعة منها كانت في القرن الماضي، وغياب مدارات (rocades) تحمي المدينة من صخب ومشاكل العربات الكبرى وتربط بين مختلف أطراف المدينة، بالاضافة لانعدام شرايين حقيقية تربط مختلف “ارخبيلاتها” الجديدة (مفتاح الخير، مجمع الخير، السلام، الرياض العالي، طريق بن احمد…) اما المساحات الخضراء وتوزيعها بمختلف احياء المدينه فهي محدودة جدا ان لم نقل منعدمة. وحال الاكتظاظ الذي تعرفه المساحات الخضراء المتواجدة بشارع الحسن الثاني قرب الكولف الجامعي خير دليل. دون الحديث عن فضاءات الترفيه للاطفال والشباب والمرافق المخصصة لهذه الفئات بمختلف احياء المدينة.

ان مقارنة بسيطة بين المساحات الخضراء التي كانت في تصميم التهيئة الاول لسطات منذ اكثر من اربعة عقود، ومانتوفر عليه حاليا يدفعنا للخجل جميعا. نعم جميعا لاننا كلنا مسؤولون : منتخبون، اداريون مجتمع مدني وإعلام..

لنقارن بين ساحة محمد الخامس في سبعينيات القرن الماضي وحاليا؟ وكيف يمكن ان تساير هذه الساحة العصر الحالي وتساهم في ايجاد حلول لمشاكل تخنق وسط المدينة (مرآب مثلا)؟؟ لنقارن بين توزيع كل المرافق الحيوية والعمومية في نفس الحقبة وحاليا؟؟؟؟ فالمرافق الحيوية الاساسية كالمستشفى مثلا يجب ان تكون في مكان يسهل جدا الوصول اليه من مختلف نقط وروافد المدينة، وهي ليست نفس المعايير التي يتم اعتمادها لوضع الاسواق…

اما الشارع الرئيسي بسطات فإن جماله مبني أساسا على جغرافية وتضاريس الخالق سبحانه وتعالى التي تماهى دهاء بعض المسؤولين بسطات لتحويله لمدخل “دوار” كبير…. فتكديس مجموعة من الادارات (العمالة، المحكمة، الامن ، الدرك، الفلاحة، بنك المغرب، مديرية التعليم، وكالة توزيع الماء…) لا يمكن ان يساهم في جلب الاستثمارا. فكلها ادارات يمكن ان تكون في اي رقعة من المدينة وتقوم بنفس المهام، عكس محلات تجارية وعلامات كبرى ذات جاذبية اكبر، نجدها في مداخل مختلف المدن.

نتمنى ان يجيب تصميم تهيئة سطات على تساؤلات وانتظارات التنمية بسطات بعيدا عن حسابات ربحية فقط…أن يساهم في خلق نقط جذب متوازنة بالمدينة قادرة ان تتجاوز بحكمة الادارة وبصيرة السياسي الحدود الجديدة التي قيدت المدينة، والتي انتجتها يد الانسان من قبيل الطريق السيار وخط القطار الفائق السرعة. وثيقة تعميرية قادرة على عكس العبقرية والابداع الحقيقيين الذين تزخر بهم سطات، لتتبوأ المدينة ومعها الاقليم مكانتها الحقيقية المستحقة في مغرب التنمية ومغرب الغد القوي بكل شبر من أرضه.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.